شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
ورع عبد الله بن عباس
وقال ابن جرير اسم> حدثنا يعقوب بن إبراهيم اسم> من مشايخه يقال له: الدورقي اسم> في الظاهر قال: حدثنا ابن علية اسم> يعني: إسماعيل اسم> عن أيوب السختياني اسم> عن ابن أبي مليكة اسم> أن ابن عباس اسم> سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، مع أن ابن عباس اسم> قد فتح الله تعالى عليه؛ ومع ذلك توقف في هذه الآية يقول: آية من القرآن لو سئلها أحدكم لتجرأ، وقال فيها وأفتى فيها بما يراه، ومع ذلك توقف فيها ابن عباس اسم> .
يقول: لو سئل عنها بعضكم، لقال فيها فأبى أن يقول فيها، هذا إسناد صحيح، ثم ذكر أيضا عن أبي عبيد اسم> قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم اسم> وهو ابن علية اسم> عن أيوب اسم> عن ابن أبي مليكة اسم> سأل رجل ابن عباس اسم> عن قول الله تعالى: رسم> فِي يَوْمْ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ قرآن> رسم> فقال ابن عباس اسم> فما رسم> فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قرآن> رسم> ؟ فقال الرجل: إنما سألتك لتحدثني، فقال ابن عباس اسم> هما يومان ذكرهما الله تعالى في كتابه، الله أعلم بهما، فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم.
ولا شك أن ظاهر السياق يدل على أنه يوم القيامة؛ لأن الله تعالى قال: رسم> وَإِنَّ يَوْمَاً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ قرآن> رسم> أي: ذلك اليوم الذي هو يوم القيامة، وقال أيضا في سورة المعارج: رسم> تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا قرآن> رسم> ؛ يعني: ذلك اليوم الذي مقداره خمسين ألف سنة، يستبعدونه ويظنون أنه لا يأتي، رسم> وَنَرَاهُ قَرِيبًا قرآن> رسم> أي: نرى أنه قريب ونخبر بأنه قريب؛ يعني يأتي قريبا رسم> إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ قرآن> رسم> .
وقد تكلم العلماء على هذين اليومين؛ فمنهم من يقول: إن هذا الطول ذطول بحسب ما يقدره بعض الناس؛ يعني بعض الناس يكون هذا اليوم طويلا عليه بحيث إنه يرى أنه قدر خمسين ألف سنة، وبعضهم يرى أنه قدر ألف سنة. وذكر بعض المفسرين -كصاحب الجلالين- أنه أخف على المؤمن من صلاة مكتوبة؛ يعني: لا يحس بطوله، قالوا: لأن أيام الحزن طوال وأيام الفرح قصار، بمعنى: أن الإنسان يستطيل اليوم الذي إذا كان فيه معذب، يستطيل انتهاء ذلك اليوم إذا كان مثلا في سجن أو في عذاب فإنه يستطيل اليوم بل يستطيل الساعة، وتكون عنده كأنها أيام أو كأنها أشهر؛ بخلاف أيام الفرح وأيام السرور فإنهم يستقصرونها.
ومع ذلك فإن الذي يمر به أيام فرح ثم يأتي بعده أيام حزن يتلاشى ما كان فيه، وما كان عرفه من أيام تلك الفرحة ونحوها، ولو كانت سنوات ولهذا يقول بعضهم:
مسـرة أحقـاب تلقيـت بعدهـا | مسـاءة يوم إنها شبه أنصــاب |
فكـيف بأن تلقى مسرة ساعـة | وراءك تقضيها مسـاءة أحقـاب |
مسألة>